ملتقى الإصلاح
الندوة رقم : 9
التاريخ : 21 يونيو 2014م
العنوان : التحرش بين الأسباب والواقع والقانون
كلمة مدير الندوة الأستاذ/ سعد البحيري :
في ظل إنتشار الحديث عن ظاهرة التحرش، وإرتفاع الأصوات المطالبة بالتصدي لتلك الجريمة، كان لزاماً علينا في ملتقى الإصلاح، أن نبحث في الأمر لمعرفة ما إذا كان التحرش ظاهرة لدينا في مصر حقاً، أم أنها ظاهرة في العالم أيضاً، وإن كان الأمر ظاهرة في مصر فما أسبابها وكيف هو الواقع في مصر، وكيف يتعامل القانون مع الأمر، وهل نحن بحاجة إلى تشريعات جديدة، كل هذا سنعلمه من إحدى المدافعات عن حقوق المرأة في الوطن العربي، الأستاذة/ عصمت الخربوطلي. المحامية.
كلمة الأستاذة / عصمت الخربوطلي :
ظاهرة التحرش وأسبابها بشكل عام.وكيف تكون معالجتها.
· بداية أحييكم وأحيي القائمين على ملتقى الإصلاح، وفي الحقيقة لا يمكنني وصف التحرش بالظاهرة وإن وصفتها بالظاهرة فسأسميها بالظاهرة الأصيلة في المجتمع المصري، والأفضل أن نسميها الآن في العقد من الزمن بجرائم التحرش، ويختلف التحرش اليوم عن التحرش في أزمنة سابقة ففي السابق كان التحرش بالإيحاء او الإيماءة، أو اللفظ في أغلب الأحوال وكان يشوبه نوع من الغزل المهذب ونادراً، ما كان يرتقي إلى مستوى الفعل المادي اللمس أو التعدي الجسدي، أي أنه كان تحرشاً مقبولاً في الغالب حيث كانت القيم قائمة ومصانة، وكانت الأسس التربوية سواء الأسرية أو المدرسية منها سليمة ومتينة أضف إلى ذلك كانت القيم والثوابت الاجتماعية جميلة.
أما اليوم فالتحرش جريمة أكثر مما هو ظاهرة، فقد إرتقى إلى الفعل المادي الجرمي الأصيل في المجتمع وأؤكد على ذلك من خلال ما نسمعه من إستخدام الفتيات أو السيدات لأداة الموس أو الدبوس في مقاومة المتحرشين.
ومن وجهة نظري الشخصية المتواضعة، فالتحرش موجود من قبل ثورة يناير، وما حدث في ميدان التحرير في يونيو 2014م، لم يكن تحرشاً بل كان جريمة بشعة تكاد تكون موجهة، أما على المستوى العام فالتحرش موجود وأصيل ويجب التعامل معه كأزمة إجتماعية كبيرة .
أسباب التحرش تبدأ من الآتي :
1- سوء التربية بالمنزل، وتراجع الروابط الإجتماعية إلى مستويات متدنية.
2- سوء التربية والإعداد على المستوى التعليمي.
3- العزل المفرط فيه من الطفولة بين الذكور والإناث حيث يدفع هذا العزل بالولد أو البنت إلى السعي إلى إكتشاف الآخر الغامض بالنسبة له.
4- عدم وجود رادع قانوني صارم يجعل المرتكب لجرم التحرش عبرة لغيره، وكما يقال من أمن العقاب أساء الادب .
5- إرتفاع نسبة التسيب في الشوارع سواء كانوا أطفال شوارع، أو مدمنين، أو باعة متجولين غير منضبطين بقانون.
أسباب ارتفاع الظاهرة في مصر عديدة :
1- منها ما استطيع تسميته بالتسويق السياسي وتشويه العملية السياسية وإظهار مصر بمظهر فاقد للهيبة ورصانة الدولة، وأستدل على ذلك بسرعة نشر هذه الجرائم من قبل مرتكبيها انفسهم أي ان هناك من يقوم باستئجار مجرمين من هذا النوع، للقيام بهكذا أفعال وتسويقها وأستدل على ذلك أيضا بأن هذه الجرائم لم تتم بهذا الشكل المروع في اماكن عادية او في الشارع الطبيعي ولم تتم الا في تجمعات سياسية وطنية كبيرة بقصد تشويه التجمع ونشاطه والقول للعالم انظروا هاهم وها هي سلوكياتهم ... وفي الحقيقة ان من ارتكب هذه الأفعال ليس وطنياً، ولا ينتمي الى أي تيار فكري وما هو الا مسـتأجر، مجرمون مسأجرون لصالح جهات تريد لمصر شرا وتريد تشويه المجتمع المصري.
2- باختصار شديد : جرائم التحرش، القصد منها هو الهدم، أي هدم هيبة الدولة، وهدم القانون، وهدم الثقة والإستقرار الإجتماعيين.
3- التحرش يوجد في الشارع، وفي العمل وفي كل مكان ويختلف من مكان إلى آخر، لكنه لم يصل إلى مستوى التحرش الموجه سياسياً بذلك الشكل القبيح، وتحرش العمل كالتحرش بين الزملاء وهو في الغالب قليل الضرر، إلا أن تحرش ذوي الدرجات الأعلى وظيفياً بما هن أدنى وظيفياً يعد تحرش مستفز ومهين ومتجاوزاً للحدود القانونية والأخلاقية، وفيه قد يساوم الرجل المرأة، ويضعها بين خسارتين : فإما خسارة مصدر العيش، وإما خسارة الشرف ! ومن ذلك يأتي القبول بالزواج العرفي، وما شابهه كإمتداد متأثر بالتحرش بشكل أو بآخر ولا نتكلم عن تحرش الرجال فقط بالنساء فهناك تحرش للنساء بالرجال أيضا، فنحن لا نتكلم كنساء أو رجال، بل نتكلم كمعنيين بأزمة إجتماعية ولابد لها من حل.
4- نتسأل هل يتعامل المجتمع مع المرأة لكفائتها أم لأنوثتها، والجواب المجتمع فئتين فئة تتعامل بنضوج وعلم ورقي، وهذه محدودة وتتعامل مع المرأة على أساس الكفاءة والأمانة والشراكة، وفي الغالب يكون التعامل مع المرأة بمنظور الفئة الثانية التي تتعامل معها على حجم أنوثتها، حتى أظهروها كسلعه للإستهلاك وبالتنامي أفقدوها لأنوثتها وقد تضطر المرأة أحياناً، لقبول ذلك لظروفها الخاصة وأغلب النساء يرفضن ذلك شموخا وعزة، وتموت الحرة ولا تأكل من ثديها.
الوصف القانوني للتحرش ومواد العقوبات :
(المادة الأولى)
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأى وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة ألاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه.
وفى حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فـى حديهما الأدنى والأقصى.
(المادة الثانية)
يضاف إلى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 مادة جديدة برقم 306 مكرراً (ب) نصها الآتى :
يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 306 مكررا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
فإذا كان الجانى ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كان له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس عليه أى ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحاً تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة التى لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه.
إلا أنني أرى أننا بحاجة الى تشريعات صارمة لمكافحة التحرش، فلابد من تغريم الأبوين اللذين لم يحسنا تربية أبنائهما، ولابد من التوصيف القانوني الصحيح، لكل حالة على حده، فالفتاة التي قيل أنه تم التحلرش بها في يونيو 2014م، قد تعرضت لجريمة إغتصاب وليس تحرش ويجب أن يحال المتهمين إلى محكمة الجنايات بتهمة الإغتصاب.
الحلول أو العلاج :
1- إعادة التأهيل الأسري واإجتماعي إلى ما كان عليه أو أفضل مما كان عليه، من خلال مناهج تعليمية وتوعيات أسرية والإقتداء، بتجارب دول عانت من قبل مما نعاني منه الآن، مثل اليابان، حيث يتم التركيز على القيم الأخلاقية لدى الطفل وتكوين شخصيته أكثر من التعليم في سنواته التعليمية الأولى.
2- العمل على الخلط بين الذكور والإناث على الأقل من رياض الأطفال حتى المرحلة الإعدادية، وعدم الفصل بينهم في الجامعات، مع وضع ضوابط أدبية وقانونية وأخلاقية، بين الناشئين وسيوفر ذلك تعايش هادىء وسليم بين الجنسين، مبني على التفاهم والمحبة والحرص والإحترام المتبادل، ولا داعي للخوف من تحرش الطلاب ببعضهم فقد لا يسلموا من معلميهم.
3- من الناحية القانونية يجب بناء تشريعات خاصة بالتحرش، تبدأ بالتحرش بالايماءة ثم اللفظ ثم اللمس ثم التعدي المادي ثم الإغتصاب وتحدد عقوبة لكل بند من هذه البنود تبدأ العقوبة في أقلها بالغرامة المادية العالية لمرتكب الفعل ولا يطلق سراحه دون كفالة، كما تكون العقوبات بالسجن والغرامة معاً، لمن ارتكب تحرشا مادياً، وتشدد عقوبات الاغتصاب على أنواعها حسب تفصيل المشرع، وأنا شخصياً أعتقد أن حالات التحرش ستقل بسبب عودة دولة القانون وهيبتها.
4- من الناحية القانونية أيضاً يجب إحداث دوريات شرطة خاصة بالاداب والسلوك العام.
5- التثقيف والتوعية الإجتماعية والدينية فمن مهام رجل الدين تهذيب الناس والإرتقاء بأخلاقهم، بدلاً من الدخول في مداخل أخرى تعرفونها وعلى الأحزاب والقوى المدنية والمثقفين تناول هذا الموضوع لأجل الحل وليس لأجل التداول فقط.
6- حل مشكلة اطفال الشوارع ومكافحة التسيب وتعاطي المخدرات أو المشروبات في الأماكن العامة، هو أمر هام جداً، وكذلك تقنين الباعة المتجولين وأقصد وضع ضوابط قانونية لهم (الاماكن وإسم الباعة ورقم الموقع الذي يبيعون فيه أو يديرون من خلاله عملية البيع)
تلك هي وجهة نظري التي قد تحتمل الصواب والخطأ.
التوصيات النهائية :
أولاً/ مطالبة وزارة الداخلية، بعمل خطوط ساخنة للإبلاغ عن حالات التحرش.
ثانياً/ ضرورة أن تتجاوب الشرطة بسرعة مع كافة الحالات المبلغ عنها.
ثالثاً/ مطالبة السلطة التشريعية بسن تشريعات جديدة تشدد فيها العقوبات في جرائم التحرش.
رابعاً/ نشر الأخلاق والفضيلة من خلال الأسرة والمدرسة وكل منفذ ديني.
خامساً/ على وسائل الإعلام أن تتعامل مع حوادث التحرش بإعتبارها جريمة وليست ظاهرة.
سادساً/ القضاء نهائياً على ظاهرة أطفال الشوارع بشتى الوسائل الهادفة إلى خلق جيل جديد من الأطفال، يكون نواة بناء للدولة، من خلال توفير التعليم والصحة التربية الحسنة لهم.
وعلى الله قصد السبيل
مديـر المنتدى مدير الملتقى المديــر العام
سعد البحيري محمد طلعت شادي طلعت